يحكى أنَّ رجلاً من أهل البادية يدعى (راشد الخلاوي) وكان ذا
جاه ٍ وصيت بين القبائل وأن بيته هو من يسود القبيلة وقتذاك ,
وله معرفة بمناطق البادية من حيث مواقع والصيد والكلأ وأماكن
لايصلها الناس إلا نادراً
وهذا الرجل قد أحب شابة جميلة من قبيلة أخرى لاتوافق قبيلته
على الزواج منها ,وهي قد أحبته كثيراً ,فلم يجد بداً إلا أن يخطفها
والذهاب بها الى مكان خفي عن أعين الناس ,إلى غابة ٍ يكثر فيها
الصيد وأيُّ صيدٍ,صيد النعام والغزلان والطيور , وأخذ يطعمها
مما أجاد به سهمه من صيد شهي, وصنع لها عرش في أعالي
الأشجار.
ومن سوء الطالع انها طلبت منه أن يحضر لها طعاماً من الرز أو
الطحين حيث أنها سئمت من أكل اللحوم ,حيث أنه من فرط حبه
لها كان لايرد لها طلباً ,وأخبرها أنه اذا رأته راجعاً لوحده فأنه
ظفر بما يريد واذا جاء ومعه جماعة فأنه قد كشف أمره
فتعرض الى أحدى القوافل ليسرق منها ذلك الطعام ولكنه لم يوفق
,فقبضوا عليه ليلاً ,ولكن زعيم القافلة رأى مظهره ومنطقه لايمت
الى السراق بصلة,فقرر أن يختبره ,فوضعوه على حمار وقالو له
عليك أن تأتي بقصيدة توقف بها الحمار وهو يسير ...فتذكر
حبيبته فقال
غدفا وهي في راس غدفا ظليله وتحتها من ريش النعام فراش
لهاحبٌّ أحلى من الماءعند الظما وأحلى من الدنيا وكل معاش
وأحلى من لبين المطافيل بالشتا وأن جت من الرياض نحاش
وأحلى من التي ياكل الطيرراسها وينوشها من بين الجريد نواش
وفي نهاية كل بيت يتوقف الحمار عندما يسمع المقطع الصوتي
(القافية) المتمثل باللفظ (أش)وهو ما يسمى في علم اللغة بالنبر
والتنغيم –الضغط على المقطع الصوتي لمغزى أو لغاية يريد
المتكلم ايصالها للسامع وهو موضوع طويل لايسعه المقام ,وهنا
قرر زعيم القافلة العفو عنه
مقابل ذلك ان يعرفهم بنفسه و يقص لهم قصته, فبعدما عرفوه
أكرموه واصروا أن يوصلوه حيث مقامه وزوجته فتوسل اليهم أن
لا يفعلوا ذلك فألحوا عليه فسلم امره الى الله ,فما أن رأت أمرأته
القافلة متجهة نحوها خافت ان أمرهم قد كشف قامت فشنقت نفسها
بحبلٍ ..... فظل يتحسر عليها طوال عمره.