في يوم من الأيام كان هناك رجلين ضريرين قد فقدوا بصرهم، وهم في طريقهم إلى بيتهم قرروا أن يجلسوا في طريق أم جعفر زبيدة العباسية، المعروفة بكرمها وجودها، فكان أحد من الرجال يدعوا الله بأن يرزقه من كرمه ولطفه، وكان الرجل الآخر يدعوا الله بأن يرزقه من فضل أم جعفر ومن رزقها، فقد كانت أم جعفر تعلم بأمر الرجلين وتسمع دعاء كل منهما، فقررت بأن ترسل للرجل الأول الذي كان يناجي الله ويطلب من رزقه وكرمه سبحانه وتعالى درهمين وكانت ترسل لمن كان يطلب فضلها دجاجة مشوية وفي داخل هذه الدجاجة عشرة دنانير.
وكان الرجل صاحب الدجاجة يبيع دجاجته بدرهمين كل يوم للرجل الذي كان يطلب رزقه من الله، وكان لا يعلم بأمر الدنانير التي كانت في جوف الدجاجة، واستمرت هذه الحالة عشرة أيام متتالية، وفي اليوم العاشر أقبلت أم جعفر على الرجلين، وسألت الرجل الذي كان يطلب فضلها أما أغناك فضلنا؟! قال الرجل: وما هو فضلك الذي تتحدثين عنه يا أم جعفر؟! قالت: مئة دينار في عشر أيام في كل يوم عشرة دنانير، قال الرجل: لا بل كنت أبيعها لصاحبي بدرهمين مقابل تلك الدجاجة.
فقالت: سبحان الله! هذا طلب من فضل الله فأعطاه وأغناه الله من فضله ورزقه من حيث لا يحتسب، وأنت طلبت من فضلي فحرمك الله رزق كان بين يديك، فهذا درس لك لأنه لا رزق إلا رزق الله ولا فضل يصيب الإنسان إلا بأمر الله عز وجل، فمن كان اعتماده وتوكله على غير الله فقد ذل، ومن كان اعتماده وتوكله على غير الله سبحانه فقد قل، ومن اعتمد على غير الله فقد ضل ولقد مل.