إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
حين يمد الليل رداءه.. ويعم الكون بسواده.. فتسكن الحركات.. وتهدأ الأصوات.. فلا يبقى إلا غارق في لذيذ السبات..
أو هائم في افتراق الموبقات .. هناك نجد أقواماً قد صفوا أقداما ..
أسهرهم الإشفاق من عذاب ربهم الخلاق ..
((تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم
من قرة أعين جزاءاً بما كانوا يعملون ))
إذا جنّ الليل سهروا,وإذا جاء النهار اعتبروا,وإذا نظروا في عيوبهم استغفروا,وإذا تفكروا في ذنوبهم بكوا وانكسروا
الـقـانـتـون المـخــبـتـون لربـهم الناطـقـون بأصـدق الأقـوال
يـحـيـون ليـلهـم بـطـاعـة ربهم بـتــلاوة وتـضــرع وسـؤال
قوم كرام السجايا أينما جلسوا.. يبقى المكان على آثارهم عطرا .. قدوتهم الحبيب الهادي صلى الله عليه وسلم
الذي كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه .. قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :
يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ فقال : يا عائشة ألا أكون عبداً شكورا ..
قوم سمعوا قول حبيبهم صلى الله عليه وسلم فامتثلوا ..
قال صلى الله عليه وسلم ( أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن ) . . .
وقال صلى الله عليه وسلم ( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات ومطردة للداء عن الجسد )
قوم ذوب الحزن أكبادهم .. وانحل الخوف أجسامهم .. وغير السهر ألوانهم .. وأقلق خوف البعث قلوبهم ..
نفوسهم عن الطاعات لا تسلوا .. وقلوبهم عن ذكر الله لا تخلوا ..الخشوع يخشع لهم إذا سكنوا .. والدموع تخبر عن خفي حرقتهم إذا كمدوا ..
بـكى البـاكـون للرحـمن لـيـلاً وباتوا دمعـهم لا يـسأمون
بـقـاع الأرض من شـوق إليـهم تحن متى عليها يسجدون
العبادة حرفتهم..والآخرة همتهم.. يذكرون في الخلوات الخطيئات .. ويرسلون على الوجنات العبرات .. يناجون الرحمن..ويطلبون الجنان..
ويخافون النيران.. أخمصوا لربهم البطون عن مطاعم الحرام .. وأغمضوا له الجفون عن مناظر الآثام .. وقيدوا له الجوارح عن فضول الكلام .. وأهملوا له العيون لما اختلط عليهم الظلام ..
إذا جن عليهم الليل فباتوا ساهرين..وناداهم منادي الصلاح (حي على الفلاح) فقاموا متهجدين..وهبت عليهم رياح الأسحار فتيقضوا مستغفرين.. فلما رجعوا وقت الفجر بالأجر نادى منادي الهجر (ياخيبة النائمين)
(( كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ))
إذا جنهم الليل , واختلط الظلام , وفرشت الفرش , ونصبت الأسرة , وخلا كل حبيب بحبيبه .. نصبوا لله أقدامهم , وافترشوا له وجوههم , وناجوه بكلامه , وتملقوا له بإنعامه .. فبين صارخ وباكِ .. ومتأوه وشاكِ .. وبين قائم وقاعد .. وبين راكع وساجد ..
فـلله درّ الـعـارف الـنـدب إنـه تفـيـض لفـرط الوجـد أجـفانـه دماً
يقـيـم إذا ما اللـيـل مـد ظـلامه على نـفسه من شـدة الخـوف مأتما
فـصار ضـرير الهم طـول نهـاره أخ الزهد والنجوى إذا الليل أظـلما
يقول حبيبي أنت سؤلي وبغيتي كـفى بك للراجـين سـؤلاً ومغـنما
* لما وجدوا لذة السهر المباح .. وأن من خالف هوى نفسه استراح .. نادوا على المقصر الذي أثخنته الجراح :
( ما أنصفت ربك أيها المقصر , يذكرك وتنساه , ويدعوك إليه فتذهب إلى غيره , ويذهب عنك البلايا وأنت معتكف على الخطايا , يسترك فتعصي , ويقربك وأنت لنفسك تُقصي , أما تستحي إذا قال لك غداً : ما اعــتـــذار !! )
يا عبد شهوته .. يا قتيل غفلته .. يا أسير بطالته .. أجلس ساعة في بيت الفكر .. وصح على نفسك بصوت اللوم
( أما تعبت الرواحل في أسفار الجهالة, أما أخذ الفراق حظه من يعقوب, أأبقى السقام موضعاً في جسم أيوب)
فإذا جن الليل فالحق بركب المتهجدين.. وزاحم زمرة المستغفرين..
هم أولاء ينادونك : قـم اللـيل يا هـذا لعـلك تـرشـدٌ إلى كم تـنام اللـيل والعـمر ينـفـدٌ
أرآك بطول الهجر ويـحك نائماً وغـيـرك في مـحرابـه يـتـهـجـدٌ
ولـو عـلم المُـطـال ما نـال زاهـد من الأجر والإحسان ما كان يرقدٌ
أترقـد يا مغـرور والنـار توقـدٌ فلا حرها يطفى ولا الجمر يخمدٌ
الـــدعــــاء
اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك , اللهم أظلنا تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك
رب أوزعني أن أشكر نعمتك علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه , وأصلح لي ذريتي إني تبت إليك
وإني من المسلمين ,
رب اغفر لي ولوالدي , رب ارحمهما كما ربياني صغيرا , رب اغفر لي ما لا يعلمون , ولا تؤاخذني بما يقولون ,
واجعلني خيراً مما يظنون ..
اللهم ارزقنا حسن الخاتمة
وفقنا الله واياكم لما يحبه ويرضاه،
وجعلنا و اياكم من أهل العفاف والتقى والخشية،اللهم إني ان أصبت فمنك وحدك، وما كان من خطأ فمن
أنفسنا والشيطان، والله ورسوله منه بريئان
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
- اللهم اغفر لابي , وعافه واعف عنه, وأكرم نزله ووسع مدخله, واغسله بالماء والثلج والبرد, ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس, وأبدله داراً خيراً من داره, وأهلاً خيراً من أهله, وزوجاً خيراً من زوجه, وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار-
امييييييييييييييييييييييييين