الجزائر- نبيل عبد اللاّوي
لا يوجد دخان من دون نار، هكذا تقول الحكمة العربية القديمة التي انطبقت على الواقعة المؤسفة التي جمعت مهاجم المنتخب الجزائري -رفيق صايفي- مع الصحفية الجزائرية أسماء حليمي في قاعة اللقاءات الإعلامية خارج ملعب المباراة في بريتوريا، التي جمعت منتخب الخضر بالمنتخب الأمريكي في آخر لقاءات الفريقين في الدور الأول.
لكن قبل أن نسرد تاريخ الخلاف وأسبابه، دعونا نتعرف رأي طرفيه، فقد التقينا المهاجم الدولي الجزائرية رفيق صايفي -قبل ساعات من مغادرته جنوب إفريقيا- ليخصّ mbc. بأول تصريحٍ حول الواقعة، التي سبق وأن رفض الحديث عنها لكل وسائل الإعلام الأخرى.
رفيق قال إن الصحفية أسماء حليمي استفزّته أكثر من مرةٍ، من خلال كتاباتها عن حياته الشخصية. وأضاف قائلاً "لقد حذرتها أكثر من مرة، ما تقوم به، وطلبت منها عدم كتابة مقالات عن حياتي الشخصية أو أفراد عائلتي، غير أنها لم تتوقف عن فعل ذلك".
وأضاف "في بريتوريا لم أصفعها كما ادّعت، ولديّ شهود على ذلك، بل هي التي رفعت يدها، واعتدت عليّ ولم أكن أتوقع ذلك"، مضيفا "حين دخلت القاعة المخصصة للإدلاء بالتصريحات، نظرت إليّ بطريقة لم تكن جيدة، ولاحظت في وجهها علامة غريبة، وكأنها تبعث إليّ برسالة إهانة، لقد كانت مستفزة في طريقة رؤيتها لي".
بدورها ردت أسماء حليمي على صايفي، قائلة إنها سوف تذهب بعيدا في المطالبة بحقها منه، ولم تستبعد مقاضاته.
حليمي روت لنا الواقعة قائلة "كنت جالسة في القاعة التي تقدّم فيه التصريحات، بجانب عم اللاعب كريم زياني وشخصين آخرين، وحين شاهدت صايفي داخلا استدرت حتى لا تقع عيني في عينه، لأنني أعلم بأنه "لا يحملني في قلبه" ولا أدري سبب ذلك.
وأضافت.. بقيت كذلك برهة وحين استدرت، لم أشعر إلا ورفيق يصفعني بقوة، فقمت تلقائيا برد الصفعة، ثم تقدمت بشكوى إلى الإتحاد الدولي لكرة القدم، وسأذهب بعيدا في القضية ولدي شهود على أنه أول من اعتدى عليّ ولم أقم سوى بالدفاع عن نفسي".
وأضافت "إنه خلاف قديم، فهو يرى أنني أكتب عن حياته الشخصية، وهذا لم يحدث، وقد نسي أنني كنت من الأوائل الذين ساعدوه في بداية مسيرته الكروية حين احترف في نادي تروا الفرنسي، حيث سافرت إلى فرنسا أكثر من مرة وأجريت حوارات وموضوعات. واليوم بلغ الأمر به حد الاعتداء عليّ".
الخلاف بين الطرفين لم يكن وليد ساعته في جنوب إفريقيا؛ وإنما يمتد إلى فترةٍ طويلةٍ من الزمن تقترب من العامين، وتحديدا منذ أن بادرت الصحفية -التي تعمل في جريدة "كومبيتيسيون" المتخصصة في شؤون كرة القدم والناطقة باللغة الفرنسية- بكتابة عدة مقالات -عن المهاجم الدولي الجزائري- أغضبته، وجعلته يحتج عليها في كل مرة، خاصة وأن أسماء حليمي متخصصة في شؤون المنتخب الوطني.
امتد الخلاف لاحقا إلى نشر "كومبيتيسيون" قبل أشهر لمقال نقل عن جريدة قطرية تحدثت عن حياة رفيق صايفي الشخصية، بعد فترة بسيطة من انتقاله للعب في نادي الخور القطري، وكان مقال الجريدة يتحدث عن حياته الشخصية، وحين نقلت "كومبيتيسيون" ذلك، غضب اللاعب الجزائري، اعتبره تحدّيا من الجريدة والصحفية، من خلال الإصرار على تناول حياته الشخصية بشكلٍ غير لائق.
والغريب أن واقعة جنوب إفريقيا لم تكن الأولى؛ حيث سبق لصايفي أن رشق الصحفية بقارورة ماء بعد نهاية المباراة الودية بين الجزائر ومنتخب الأوروجواي بملعب 5 يوليو الأولمبي بالجزائر قبل المونديال، وأعاد نفس السلوك عقب حصة تدريبية للمنتخب الجزائري في أنجولا خلال مشاركته في نهائيات كأس أمم إفريقيا، قبل أن يصفعها في ثالث مرة، بعد نهاية مباراة الجزائر والولايات المتحدة الأمريكية بجنوب إفريقيا خلال المونديال.
يذكر أن هناك منافسة شرسة وراء الستار بين صحيفتي الهداف و"كومبيتسيون" وكلتاهما متخصصتان في الرياضة، لكن الأولى تصدر بالعربية والثانية بالفرنسية؛ لأن أغلب صحافيي "الهداف" سبق لهم التعامل مع مسؤولي "كومبيتيسيون"، وقت أن كانت الجريدة تصدر نسخة بالعربية تسمى "الكرة"، قبل أن يحدث خلاف بين الصحفيين ومالكي الجريدة -التي كانت تصدر وقتها مرتين في الأسبوع، قبل 11 سنة تقريبا- قرر الصحفيون على إثره ودون سابق إنذار الرحيلَ عن الجريدة، وأقنعوا مالك جريدة فنية واجتماعية في الجزائر بإصدار ملحق رياضي سُمي "الهداف".
بقى أن نقول إنه من سخرية القدر أن صايفي وحليمي سافرا معا في نفس الرحلة التي أقلّتهم من جنوب إفريقيا إلى باريس عاصمة فرنسا أمس، بعد 24 ساعة عن الحادثة.
وحسب أحد الصحفيين الجزائريين المتواجدين في الرحلة ذاتها، فإن صايفي جلس بجانب اللاّعب رياض بودبوز غير بعيد عن الصحفية، وتحاشى كل طرف الالتقاء بالآخر، قبل أن يغير صايفي مكانه، بعد أخذ الإذن من مضيف الطائرة، ليجلس في الخلف حتى لحظة الوصول.
وخرج صايفي من المطار دون أن يلتقي الصحفية أسماء حليمي، التي استقلت طائرة أخرى اليوم على الساعة التاسعة والنصف صباحا بتوقيت جرينتش، برفقة الصحفي الجزائري، لتجد في مطار هواري بومدين بالجزائر أفراد عائلتها بانتظارها، حاملين باقة ورد، وعلامات التأثر بادية على محياهم، بسبب ما حدث لأسماء في جنوب إفريقيا.
